فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عنه، قال: كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس: فأربعة منها بين من قاتل عليها، وخمس واحد يقسم على أربعة أخماس.
فربع لله وللرسول ولذي القربى، يعني قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما كان لله وللرسول فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يأخذ النبي من الخمس شيئًا، والربع الثاني لليتامى، والربع الثالث للمساكين، والربع الرابع لابن السبيل، وهو الضيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن أبي العالية، في قوله: {واعلموا أَنَّمَا غَنِمْتُم مّن شيء} الآية قال: كان يجاء بالغنيمة فتوضع، فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على خمسة أسهم، فيعزل سهمًا منها، ويقسم أربعة أسهم بين الناس، يعني لمن شهد الوقعة، ثم يضرب بيده في جميع السهم الذي عزله، فما قبض عليه من شيء جعله للكعبة، فهو الذي سمى الله لا تجعلوا لله نصيبًا، فإن لله الدنيا والآخرة ثم يعمد إلى بقية السهم فيقسمه على خمسة أسهم: سهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وسهم لذي القربى وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لابن السبيل.
وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل سهم الله في السلاح والكراع وفي سبيل الله وفي كسوة الكعبة وطيبها وما تحتاج إليه الكعبة، ويجعل سهم الرسول في الكراع والسلاح ونفقة أهله، وسهم ذي القربى لقرابته، يضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم مع سهمهم مع الناس، ولليتامى والمساكين وابن السبيل ثلاثة أسهم يضعها رسول الله فيمن شاء حيث شاء، ليس لبني عبد المطلب في هذه الثلاثة الأسهم ولرسول الله صلى الله عليه وسلم سهم مع سهام الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين المعلم قال: سألت عبد الله بن بريدة عن قوله: {فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ} فقال: الذي لله لنبيه، والذي للرسول لأزواجه.
وأخرج الشافعي، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، ومسلم، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه، عن ابن عباس، أن نجدة كتب إليه يسأله عن ذوي القربى الذين ذكر الله، فكتب إليه إنا كنا نرى أناهم فأبى ذلك علينا قومنا، وقالوا قريش كلها ذوو قربى، وزيادة قوله وقالوا قريش كلها تفرّد بها أبو معشر.
وفيه ضعف.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن المنذر، من وجه آخر عن ابن عباس: أن نجدة الحروري أرسل إليه يسأله عن سهم ذي القربى، ويقول لمن تراه؟ فقال ابن عباس: هو لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد كان عمر عرض علينا من ذلك عرضًا رأيناه دون حقنا فرددناه عليهم وأبينا أن نقبله، وكان عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم، وأن يعطي فقيرهم، وأبى أن يزيدهم على ذلك.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: رغبت لكم عن غسالة الأيدي، لأن لكم في خمس الخمس ما يكفيكم أو يغنيكم.
رواه ابن أبي حاتم عن إبراهيم بن مهدي المصيصي حدّثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عنه مرفوعًا.
قال ابن كثير: هذا حديث حسن الإسناد، وإبراهيم بن مهدي هذا وثقه أبو حاتم.
وقال يحيى بن معين: يأتي بمناكير.
أخرج ابن إسحاق، وابن أبي حاتم، عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر، عن جبير بن مطعم: أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قسم سهم ذوي القربى من خيبر على بني هاشم وبني المطلب.
قال: فمشيت أنا وعثمان بن عفان حتى دخلنا عليه، فقلنا يا رسول الله هؤلاء إخوانك من بني هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك منهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم دوننا، فإنما نحن وهم بمنزلة واحدة في النسب؟ فقال: «إنهم لم يفارقونا في الجاهلية والإسلام» وقد أخرجه مسلم في صحيحه.
وأخرج ابن مرديه، عن زيد بن أرقم قال: آل محمد الذين أعطوا الخمس: آل عليّ، وآل العباس، وآل جعفر، وآل عقيل.
وأخرج ابن مردويه، عن ابن عباس قال: كان للنبي صلى الله عليه وسلم شيء واحد من المغنم يصطفيه لنفسه، إما خادم وإما فرس، ثم يصيب بعد ذلك من الخمس.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن مردويه، عن عليّ قال: قلت يا رسول الله: ألا وليتني ما خصنا الله به من الخمس؟ فولانيه.
وأخرج الحاكم وصححه عنه قال: ولاني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر وعمر.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، وابن مردويه، عن ابن عباس، في قوله: {يَوْمَ الفرقان} قال: هو يوم بدر، وبدر ما بين مكة والمدينة.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، عن ابن عباس، في قوله: {يَوْمَ الفرقان} قال: هو يوم بدر فرق الله فيه بين الحق والباطل.
وأخرج ابن مردويه، عن عليّ بن أبي طالب، قال: كانت ليلة الفرقان ليلة التقى الجمعان في صبيحتها ليلة الجمعة لسبع عشرة مضت من رمضان.
وأخرجه عنه ابن جرير أيضًا.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ، عن ابن عباس، في قوله: {إِذْ أَنتُم بِالْعُدْوَةِ الدنيا} قال: العدوة الدنيا شاطئ الوادي {والركب أَسْفَلَ مِنكُمْ}.
قال أبو سفيان وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال: العدوة الدنيا شفير الوادي الأدنى، والعدوة القصوى شفير الوادي الأقصى. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله: {إذ أنتم بالعدوة الدنيا} قال: شاطئ الوادي {والركب أسفل منكم} قال: أبو سفيان.
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله: {إذ أنتم بالعدوة الدنيا...} الآية. قال: العدوة الدنيا: شفير الوادي الأدنى، والعدوة القصوى: شفير الوادي الأقصى.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه في قوله: {والركب أسفل منكم} قال: كان أبو سفيان أسفل الوادي في سبعين راكبًا. ونفرت قريش وكانت تسعمائة وخمسين، فبعث أبو سفيان إلى قريش وهم بالجحفة: إني قد جاوزت القوم فارجعوا. قالوا: والله لا نرجع حتى نأتي ماء بدر.
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {والركب أسفل منكم} قال: أبو سفيان وأصحابه مقبلين من الشام تجارًا لم يشعروا بأصحاب بدر، ولم يشعر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بكفار قريش، ولا كفار قريش، بهم حتى التقوا على ماء بدر، فاقتتلوا فغلبهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وأسروهم.
وأخرج ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه في قوله: {وهم بالعدوة القصوى} من الوادي إلى مكة {والركب أسفل منكم} يعني أبا سفيان وغيره، وهي أسفل من ذلك نحو الساحل {ولو تواعدتم لاختلفتم في الميعاد} أي ولو كان على ميعاد منكم ومنهم، ثم بلغكم كثرة عددهم وقلة عددكم ما التقيتم {ولكن ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا} أي ليقضي ما أراد بقدرته من اعزاز الإِسلام وأهله واذلال الكفر وأهله من غير ملأ منكم، ففعل ما أراد من ذلك بلطفه، فأخرجه الله ومن معه إلى العير لا يريد غيرها، وأخرج قريشًا من مكة لا يريدون إلا الدفع عن عيرهم، ثم ألف بين القوم على الحرب وكانوا لا يريدون إلا العير، فقال في ذلك {ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا} ليفصل بين الحق والباطل {ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حيَّ عن بينة} أي ليكفر من كفر بعد الحجة لما رأى من الآيات والعبر، ويؤمن من آمن على مثل ذلك. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال ابن عادل:
قوله: {إذْ أنتُم} في هذا الظَّرف أربعةُ أوجهٍ:
أحدها: أنَّهُ منصوبٌ باذكُرُوا مُقدرًا، وهو قول الزَّجَّاجِ.
الثاني: أنَّهُ بدلٌ من {يَوْمَ الفرقانِ} أيضًا.
الثالث: أنه منصوب بـ {قديرٌ} وهذا ليس بواضحٍ؛ إذ لا يتقيَّ اتِّصافه بالقدرة بظرفٍ من الظُّروف.
الرابع: أنه منصوبٌ بـ {الفُرْقَانِ} أي: فرق بين الحقِّ والباطل إذْ أنتم بالعُدَّوَةِ.
قوله: {بالعُدْوَةِ} متعلقٌ بمحذوف؛ لأنَّهُ خبر المبتدأ، والباء بمعنى: طفي كقولك: زيد بمكة.
وقرأ ابن كثير وأبو عمرو {بالعِدْوَةِ} بكسر العينِ فيهما، والباقون بالضم فيهما وهما لغتان في شطِّ الوادي وشفيره وضِفَّته، كالكُسْوة والكِسْوة، والرُّشوة والرِّشوة، سُمِّيت بذلك لأنَّها عدتْ ما في الوادي من ماءٍ ونحوه أن يتجاوزها، أي: منعته؛ قال الشَّاعرُ: [الوافر]
عَدَتْنِي عَنْ زيارتها العَوَادِي ** وحَالَتْ دُونهَا حَرْبٌ زُبُونُ

وقرأ الحسنُ وزيد بن علي، وقتادة وعمرو بن عبيد بالفتح، وهي كلها لغاتٌ بمعنى واحد.
هذا هو قولُ جمهور اللغويين، على أنَّ أبا عمرو بن العلاء أنكر الضمَّ، ووافقه الأخفش، فقال: لَمْ يُسْمَعْ من العرب إلاَّ الكسرُ.
ونقل أبو عبيد اللغتين، إلاَّ أنه قال: الضَّمُّ أكثرهما، وقال اليزيديُّ: الكسر لغةُ الحجازِ؛ وأنشدوا قول أوس بن حجرٍ: [البسيط]
وفَارسٍ لمْ يَحُلَّ القومُ عُدْوتَهُ ** ولَّوْا سِرَاعًا ومَا هَمُّوا بإقْبَالِ

بالكسر، والضم.
وهذا هو الذي ينبغي أن يقال، فلا وجهَ لإنكار الضَّمِّ، ولا الكسْرِ، لتواتر كلٍّ منهما، ويحمل قول أبي عمرو على أنَّهُ لم يبلُغْه، ويحتمل أن يقال في قراءةِ من قرأ بفتح العين أن يكون مصدرًا سُمِّي به المكان.
وقرئ شاذًّا بالعِدْيَة بقلب الواو ياءً لانكسار ما تقدَّمها، ولا يُعتبر الفاصلُ؛ لأنَّه ساكن، فهو حاجز غير حصين، وهذا كما قالوا: هو ابن عمي دِنيا بكسر الدَّال، وهو من الدنو، وكذلك: قِنْيَة، وصِبْيَة، وأصله السَّلامة، كالذِّرْوَة، والصِّفْوة والرِّبُوَة، وقد تقدَّم الكلام على لفظ الدُّنْيَا.
قول: {القُصْوَى} تأنيث الأقصى، والأقصى: الأبعد، والقَصْوُ: البعد وللصَّرفيين عبارتان، إلبهما أن فُعْلَى من ذوات الواو، إن كانت اسمًا أبدلَتْ لامُها ياءً، ثم يُمَثِّلُون بنحو: الدُّنْيَا، والعُلْيَا، والقُصْيَا، وهذه صفاتٌح لأنَّها من باب أفعل التَّفضيل، وكأنَّ العذر لهم أنَّ هذه وإن كانت في الأصْلِ صفاتٍ، إلاَّ أنَّها جرتْ مجرى الجوامد.
قالوا: وإنْ كانت فُعْلَى صفةً أقرَّتْ لامُها على حالها، نحو: الحُلْوى، تأنيث الأحلى ونصُّوا على أن القُصْوَى شاذة، وإن كانت لغة الحجاز، وأنَّ القُصْيَا قياسٌ وهي لغة تميم، وممَّنْ نصَّ على شذوذ: القُصْوَى يعقوب بن السِّكِّيت.
وقال الزمخشريُّ: وأمَّا القُصْوَى فكالقَوَد في مجيئه على الأصل، وقد جاء القُصْيَا إلاَّ أنَّ استعمال القُصوى أكثر، كما كثر استعمال استصوب مع مجيء استَصَابَ، وأغيَلت مع أغَالَتْ انتهى.
وقد قرأ زيد بن عليٍّ: {بالعُدْوةِ القُصْيَا} فجاء بها على لغة تميم، وهي القياسُ عند هؤلاء.
والعبارة الثانية- وهي القليلةُ- العكس، أي: إن كانت صفةً أبدلتْ، نحو: العُلْيَا والدُّنيا، والقُصْيا، وإن كانت اسمًا أقرَّتْ؛ نحو حُزْوَى؛ كقوله: [الطويل]
أدَارًا بِحُزْوَى هِجْتِ للعَيْنِ عَبْرَةً ** فَمَاءُ الهَوَى يرفَضُّ، أو يَتَرقْرَقُ

وعلى هذا ف الحُلْوَى شاذة؛ لإقرار لامها مع كونها صفة، وكذا القُصْوَى أيضًا، عند هؤلاء؛ لأنها صفة وقد ترتَّب على هاتين العبارتين أنَّ قُصْوَى على خلافِ القياس فيهما وأن قًصْيَا هي القياس؛ لأنها عند الأولين من قبيل الأسماء، وهم يقلبونها ياء وعند الآخرين من قبيل الصفات، وهم يقلبونها أيضًا ياءً، وإنَّما يظهر الفرقُ في الحُلْوى وحُزْوَى ف: الحُلْوَى عند الأولين تصحيحها قياسٌ، لكونها صفةً، وشاذة عند الآخرين، لأنَّ الصفةَ عندهم تُقْلبُ واوُها ياءً.
والحُزْوَى عكسُها، فإنَّ الأولين يقلبُون في الأسماء، دون الصفات، والآخرون عكسُهم.